سورة الأنعام - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)}
{وَقَالُواْ} عطف على لعادوا. أي: ولو ردّوا لكفروا ولقالوا: {إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا} كما كانوا يقولون قبل معاينة القيامة. ويجوز أن يعطف على قوله: وإنهم لكاذبون، على معنى: وإنهم لقوم كاذبون في كل شيء، وهم الذين قالوا: إن هي إلا حياتنا الدنيا. وكفى به دليلاً على كذبهم.


{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31)}
{وُقِفُواْ على رَبّهِمْ} مجاز على الحبس للتوبيخ والسؤال، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده ليعاتبه. وقيل: وقفوا على جزاء ربهم. وقيل: عرفوه حق التعريف {قَالَ} مردود على قول قائل قال: ماذا قال لهم ربهم إذ وقفوا عليه؟ فقيل: قال: {أَلَيْسَ هذا بالحق} وهذا تعيير من الله تعالى لهم على التكذيب. وقولهم- لما كانوا يسمعون من حديث البعث والجزاء-: ما هو بحق وما هو إلا باطل {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} بكفركم بلقاء الله ببلوغ الآخرة وما يتصل بها. وقد حقق الكلام فيه في مواضع أخر. و{حتى} غاية لكذبوا لا لخسر، لأن خسرانهم لا غاية له. أي ما زال بهم التكذيب إلى حسرتهم وقت مجيء الساعة.
فإن قلت: أما يتحسرون عند موتهم؟ قلت: لما كان الموت وقوعاً في أحوال الآخرة ومقدماتها جعل من جنس الساعة وسمي باسمها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات فقد قامت قيامته» أو جعل مجيء الساعة بعد الموت لسرعته كالواقع بغير فترة {بَغْتَةً} فجأة وانتصابها على الحال بمعنى باغتة، أو على المصدر كأنه قيل: بغتتهم الساعة بغتة {فَرَّطْنَا فِيهَا} الضمير للحياة الدنيا، جيء بضميرها وإن لم يجر لها ذكر لكونها معلومة، أو للساعة على معنى: قصرنا في شأنها وفي الإيمان بها، كما تقول: فرّطت في فلان. ومنه فرّطت في جنب الله {يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ} كقوله: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] لأنه اعتيد حمل الأثقال على الظهور، كما ألف الكسب بالأيدي {سَاء مَا يَزِرُونَ} بئس شيئاً يزرون وزرهم، كقوله {سَاء مَثَلاً القوم} [الأعراف: 177].


{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32)}
جعل أعمال الدنيا لعباً ولهواً واشتغالاً بما لا يعني ولا يعقب منفعة، كما تعقب أعمال الآخرة المنافع العظيمة. وقوله: {لّلَّذِينَ يَتَّقُونَ} دليل على أن ما عدا أعمال المتقين لعب ولهو.
وقرأ ابن عباس رضي الله عنه: (ولدار الآخرة) وقرئ: {تعقلون} بالتاء والياء.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10